top of page

فاطمة الزهراء زوجة أمير المؤمنين علي عليهما السلام

سلام الله عليك سيدتي الصديقة المعصومة فاطمة الزهراء و عفوا منك على تقصيري ...

  زواج فاطمة ( عليها السلام )  

 

بلغت فاطمةُ سنَّ الرشد ، وآن لها أن تنتقل إلى بيت الزوجية ، فخطبها كثير من الصحابة في طليعتهم أبو بكر وعمر ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يردّ الخاطبين قائلاً : إنني أنتظر في أمرها الوحي , وجاء جبريل يخبره بأن الله فد زوّجها من علي .وهكذا تقدم علي ، والحياء يغمر وجهه ، إلى خطبة فاطمة ( عليها السلام ) .

فدخل رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) على فاطمة ليرى رأيها وقال لها :(يا فاطمة إن علي بن أبي طالب من قد عرفْتِ قرابته وفضْله وإسلامه ، وإني قد سألتُ ربّي أن يزوِّجكِ خيْرَ خلْقه وأحبَّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين " ؟سكتت فاطمة وأطرقت برأسها إلى الأرض حياء ، فهتف رسول الله : " الله أكبر ! سكوتها رضاها " , وقد تمّت مراسم العقد والزواج ببساطة تعكس سماحة الإسلام ، فقد كان علي لا يملك من دنياه شيئاً غير سيفه ودرعه ، فأراد أن يبيع سيفه ، فمنعه رسول الله لأن الإسلام في حاجة إلى سيف علي ، ولكنه وافق على بيع الدرع ، فباعه علي ( عليه السلام ) ودفع ثمنه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

 

  الأسرة المثال  

الحياة الزوجيةُ اندماج لحياتين لتصبح حياةً مشتركة . . . حياة واحدة .حياة الأسرة تنهض على التعاون والمحبّة والاحترام .كانت حياة علي وفاطمة (عليهما السلام ) مثالاً للحياة الزوجية الكريمة .كان علي يساعد فاطمة في أعمال المنزل وكانت فاطمة تسعى إلى إرضائه وإدخال الفرحة في قلبه , كان حديثهما في منتهى الأدب والاحترام .إذا نادى علي فاطمة قال : يا بنت رسول الله ، وإذا خاطبتْه قالت : يا أمير المؤمنين . وكانا مثال الأبوين العطوفين على أبنائهما .

 

  الثمار  

في العام الثالث من الهجرة أنجبت فاطمة ( عليها السلام ) أول أولادها فسمّاه سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) " الحسن " ، وبمولده غمرت الفرحة قلب رسول الله ، وهو يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى ويغمره بآيات القرآن . وبعد عام وُلد الحسين ( عليه السلام ) , أراد الله أن تكون ذرّية رسوله محمد ( صلى الله عليه وآله ) من فاطمة ( عليها السلام ) .واحتضن الرسولُ سبطيه يحوطهما برعايته ، وكان يقول عنهما : " هما ريحانتاي من الدنيا " .كان يحملهما معه إذا خرج أو يُجلسهما في أحضانه الدافئة .دخل رسول الله ذات يوم منزل فاطمة وكان الحسن يبكي جوعاً وفاطمة نائمة ، فأخذ إناءً وملأه حليباً وسقاه بنفسه ',ومرّ ذات يوم آخر أمام بيت فاطمة فسمع بكاء الحسين ، فقال متأثراً : " ألا تدرون أن بكاءه يؤذيني " , ومرّ عام جاءت بعده " زينب " إلى الدنيا ، وبعدها " أم كلثوم " ولعلّ رسول الله تذكّر ابنتيه زينب وأم كلثوم عندما سمّاهما بهذين الاسمين ,وهكذا أراد الله أن تكون ذرية الرسول في ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . . ذرّية بعضها من بعض والله سميع عليم .

 

  منزل فاطمة  

بالرغم من حياتها القصيرة فقد كانت حافلة بالخير والبركات ، وكانت قدوة وأسوة للنساء ، فكانت الفتاة المثال والزوجة المثال ، والمرأة المثال ، ولهذا أصبحت سيدة نساء العالمين .كانت مريم بنت عمران سيدة النساء في عصرها ، وكانت آسية امرأة فرعون سيدة نساء زمانها ، وكذلك كانت خديجة بنت خويلد .أمّا فاطمة الزهراء فقد توّجها الإسلام سيدةً للنساء على مرّ العصور .كانت قدوة في كل شيء . . يوم كانت فتاة تسهر على راحة أبيها وتشاركه آلامه ، ويوم كانت زوجة ترعى زوجها وتوفّر له سكناً يطمئن إليه ويلوذ به عندما تعصف به الأيام ، ويوم كانت أمَّا تربّي صغارها على حبّ الخير والفضيلة والخلق الكريم ، فكان الحسن والحسين وزينب (عليهم السلام ) أمثلة سامية في دنيا الأخلاق والإنسانية.

 

  الزهراء عليها السلام في بيت الزوجيّة  

لمّا تزوّج علي من فاطمة عليها السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ: "اُطلب منزلاً"، فطلب علي منزلاً فأصابه مستأخراً عن النبي صلى الله عليه وآله قليلاً فبنى بها فيه.فجاء النبيّ صلى الله عليه وآله إلى ابنته فقال: " إنّي اُريد أن اُحوّلك إليّ"، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: "فكلّمْ حارثة بن النعمان أن يتحوّل عنّي" فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " قد تحوّل حارثة عنّا حتى قد استحييت منه"، فبلغ ذلك حارثة فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله إنّه بلغني أنّك تحوّل فاطمة إليك وهذه منازلي وهي أسقب بيوت بني النجّار بك، وإنّما أنا ومالي لله ولرسوله، والله يا رسول الله المال الذي تأخذ منّي أحبّ إليَّ من الذي تدع، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " صدقت، بارك الله عليك" فحوّلها رسول الله إلى بيت حارثة.

انتقلت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام إلى البيت الزوجي وكان انتقالها من بيت الرسالة والنبوّة الى دار الإمامة والولاية، فهي تعيش في جوّ تكتنفه القداسة والنزاهة، وتحيط به عظمة الزهد وبساطة العيش، وكانت تعين زوجها على أمر دينه وآخرته.

كان عليّ (عليه السلام) يحترم السيّدة فاطمة الزهراء احتراماً لائقاً بها، لا لأنّها زوجته فقط، بل لأنّها أحبّ الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ولأنّها سيّدة نساء العالمين، ولأنّ نورها من نور رسول الله صلى الله عليه وآله، ولأنّها مجموعة الفضائل والقيم.ولم يُعلم بالضبط مدّة إقامة الإمام عليّ والسيّدة فاطمة عليهما السلام في دار حارثة بن النعمان إلاّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بنى لها بيتاً ملاصقاً لمسجده، له باب شارع إلى المسجد كبقية الحجرات التي بناها لزوجاته، وانتقلت السيّدة فاطمة إلى ذلك البيت الجديد الملاصق لبيت الله والمجاور لبيت رسول الله صلى الله عليه وآله.

ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله ليترك هذا الغرس النبويّ دون أن يرعاه ويحتضنه بتوجيهه وعنايته، فعاش الزوجان في ظلّ رسول صلى الله عليه وآله وفي كنفه ومنحى صلى الله عليه وآله فاطمة بعد زواجها ما لم يمنحه لأحد من الحبّ والنصيحة والتوصية، فقد علّمها أبوها صلى الله عليه وآله معنى الحياة، وأوحى لها بأنّ الإنسانية هي جوهر الحياة، وأنّ السعادة الزوجية القائمة على الخلق والقيم الإسلامية هي أسمى من المال والقصور والزخارف وقطع الأثاث وتحف الفن المزخرفة.وتعيش فاطمة الزهراء في كنف زوجها قريرة العين سعيدة النفس، لا تفارقها البساطة ولا يبرح بيتها خشونة الحياة، فهي الزوجة المثالية، زوجة عليّ عليه السلام بطل المسلمين، ووزير الرسول صلى الله عليه وآله ومشاوره الأول، وحامل لواء النصر والجهاد، وعليها أن تكون بمستوى المسؤولية الخطيرة، وأن تكون لعليّ كما كانت اُمّها خديجه لرسول الله صلى الله عليه وآله تشاركه في جهاده وتصبر على قساوة الحياة ورسالة الدعوة الصعبة.لقد كانت حقاً بمستوى مهمتها التي اختارها الله تعالى لها، فكانت القدوة الصالحة للمسلم الرسالي وللمرأة النموذجية المسلمة.

اإحترام واجب

bottom of page