top of page

 

5- السياق يشهد بأن (عليا) علم وليس صفة

من الأدلة (السياق) فإنه أيضا يدل على أن {عَلِيّاً} هنا علم وليس صفة، لكن كيف؟

نجيب: لأن السياق في هذه الآيات القرآنية الكريمة هو سياق الحديث عن (الأشخاص)، وليس سياق الحديث عن (المعاني)، لاحظوا الآيات الشريفة في سورة مريم:

 

(( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً {41}

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً {42}

يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً {43}

يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً {44}

يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً {45}

قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً {46}

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً {47}

وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً {48}

فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً {49}

وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً  {49}  )).

 

في هذه الآيات كلها الحديث عن الأشخاص، فإن الآية السابقة مباشرة هي {وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً} وهي الآية 49 بعدها تأتي آيتنا: {وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً} وهي الآية 50 ثم تجد الحديث كله عن أشخاص في الآية اللاحقة مباشرة هي: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً} وهي الآية 51 ثم في الآية 53: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً} وبعدها الآية 54: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} كما أن مطلع هذه الآيات كلها كان حديثا عن (الشخص) أيضا حيث تبتدأ بالآية 41: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً}.

إذن: هذه هي القرينة العامة في هذه الآيات القرآنية الكريمة وهي السياق، فإن السياق هو سياق الحديث عن الأشخاص، وليس حديثا عن المعاني، فيكون السياق شاهدا على أن { عَلِيّاً  } في:

{وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً} المراد به العلم والشخص، وليس الصفة..

bottom of page