3- (جعلنا) هنا، هي نظير (اجعل لي وزيرا)
القرنية الثالثة: ترتكز على كلمة {وَاجْعَل} {وَجَعَلْنَا} في قوله تعالى: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }الشعراء84 وقوله: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً }مريم50، حيث إننا عندما نتدبر في {وَاجْعَل} هذه، وعندما نقارنها بـ {وَاجْعَل} أخرى في القرآن الكريم، نرى الوزان، وزانا واحدا، والقرآن يٌفسر بعضها بعضا، فلاحظوا الآية القرآنية الكريمة الأخرى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي}{هَارُونَ أَخِي} طه30
ولو كانت الآية هكذا: (واجعل لي وزيرا من أهلي عليا)، فهل يصح لواحد أن يقول: (عليا)، يعني عاليا؟ مع أنه ممكن نقول له: كلا، لأن الوزير لا يُوصف بالعالي والعلي، صحيح أم لا؟ كما أن اللسان لا يُوصف بـ (عاليا) و(عليا): (وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي {30} اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي{31} )..
وفي آيتنا الشريفة فإن: {لِسَانَ صِدْقٍ} تعادل: {َوَزِيراً} في: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي} و: (عليا) تعادل {هَارُونَ أَخِي}، لاحظوا السياق، ولاحظوا البيان، (اجعل) أو (جعلنا) {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي}{هَارُونَ أَخِي} طه30، وهنا يقول: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً }مريم50 فهذه تقابل تلك، وهذه هي القرينة الثالثة في الآية القرآنية الشريفة.
لفته لطيفة
وجعلنا لهم لسان صدق عمر !
وإليكم هذه اللفتة اللطيفة قبل التطرق للقرائن الأخرى، لاحظوا، فلو أن هذه الآية القرآنية الكريمة كانت فرضا هكذا: (ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عمر)! فما الذي كان سيحدث؟ كانوا يملأون الدنيا ضجيجا وعجيجا بأن المراد به (ابن الخطاب)، وأن (عمر) هنا اسم علم وليس صفة أي (عامرا)، لأن اللسان لا يوصف بـ (العامر)! فكيف (باؤكم) المتوهمة تجر و (باؤنا) الحقيقية لا تجر؟!
ولكن لأن تلك مكرمة لـ (علي بن أبي طالب عليه السلام) فيجب أن يُقصقص اسمه المبارك، ويجب أن يعمل فيه مقص الرقيب!