الأوصاف المجمع عليها في الإمام
لو راجعتم كتب العقائد والكلام عند أهل السنّة ككتاب : المواقف في علم الكلام للقاضي الإيجي ، وشرح المواقف للشريف الجرجاني ، وشرح القوشچي على التجريد ، وشرح المقاصد لسعدالدين التفتازاني ، وشرح العقائد النسفية ، وغير هذه الكتب التي هي من أُمّهات كتب العقيدة والكلام عند أهل السنّة.
لرأيتم أنّهم يذكرون في المباحث المتعلقة بالإمام فصولاً ، منها :
إنّ نصب الإمام إنّما يكون بالإختيار ، وليس بيد الله سبحانه وتعالى ، خلافاً للإماميّة.
وإذا كان نصب الإمام عندهم بالإختيار ، فإنّهم يذكرون في فصل آخر الشروط التي يجب توفّرها في الإمام حتّى يُختار للإمامة.
وإذا راجعتم ذلك الفصل الذي يذكرون فيه الشروط ، شروط الإمام أو أوصاف الإمام ، يذكرون هناك أوصافاً ويقسّمونها إلى قسمين :
1) - قسم قالوا بأنّها أوصاف مجمع عليها.
2) - وقسم هي أوصاف وقع الخلاف فيها.
ونحن نتكلّم على ضوء تلك الشروط التي ذكروها على مسلكهم في تعيين الإمام وهو الإختيار ، تلك الشروط المجمع عليها بينهم ، نتكلم معهم على ضوء تلك الشروط التي ذكروها وأوجبوا توفّرها في الإمام كي يختار إماماً على المسلمين بعد رسول الله.
نتكلّم معهم بغضّ النظر عن مسلكنا في تعيين الإمام ، وهو أنّه بيد الله سبحانه وتعالى ، بغضّ النظر عن ذلك المسلك ، نتكلّم معهم على مسلكهم ، وعلى ضوء ذلك القسم من الأوصاف التي نصّوا على ضرورة وجودها للإمام بالإجماع.
فما هي تلك الشروط والأوصاف التي أجمعوا على ضرورة وجودها في الإمام حتى يختار إماماً ؟
تلك الشروط المجمع عليها بينهم :
الشرط الأول : العلـم
بأن يكون عالماً بالأصول والفروع ، بحيث يمكنه إقامة الحجج والبراهين على حقيّة هذا الدين ، ويمكنه دفع الشبهات الواردة من الآخرين ، بأن يدافع عن هذا الدين من الناحية الفكرية ، ويمكنه دفع الشبهات والإشكالات الواردة في أصول الدين وفروعه من المخالفين.
الشرط الثاني : العدالة
بأنْ يكون عادلاً في أحكامه ، وفي سيرته وسلوكه مع الناس ، أن يكون عادلاً في أحكامه عندما يتصدى رفع نزاع بين المسلمين ، أن يكون عادلاً عندما يريد أن يقسّم بينهم بيت المال ، أن يكون عادلاً في تصرّفاته المختلفة المتعلّقة بالشؤون الشخصية والعامة.
الشرط الثالث : الشجاعة
بأن يكون شجاعاً ، بحيث يمكنه تجهيز الجيوش ، بحيث يمكنه الوقوف أمام هجمات الاعداء ، بحيث يمكنه الدفاع عن حوزة الدين وعن بيضة الإسلام والمسلمين.
هذه هي الشروط المتفقة عندهم ، التي يجب توفرها في الشخص حتى يمكن اختياره للإمامة على مسلكهم من أنّ الإمامة تكون بالإختيار.
إذن ، نتكلم معهم باعتبارنا عقلاء مثلهم ، ونعتبر هذه الصفات الثلاث أيضاً في الإمام ، ونفترض أنّ الإمامة تثبت بالإختيار ، والإمامة مورد نزاع بيننا وبينهم ، فنحن نقول بإمامة علي وهم يقولون بإمامة أبي بكر.
فلنلاحظ إذن ، هل هذه الصفات المعتبرة بالإجماع في الإمام ، المجوّز توفّرها فيه لانتخابه واختياره إماماً ، هل هذه الصفات توفّرت في علي أو في أبي بكر ، حتّى نختار عليّاً أو نختار أبا بكر ، ومع غضّ النظر عن الكتاب والسنّة الدالّين على إمامة علي بالنص أو غير ذلك ؟
نحن والعقل الذي يقول بأنّ الرئيس للاُمّة والخليفة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يجب أن يكون واجداً لهذه الصفات المجمع عليها ، ونحن تبع لهذا الإجماع الذي هم يدّعونه على هذه الصفات.